fathi Admin
عدد المساهمات : 627 تاريخ التسجيل : 17/08/2009 العمر : 40
| موضوع: الجولة العربية لرئيس المخابرات العامة والدور الإقليمى لمصر الإثنين 28 مارس 2011, 10:07 pm | |
| الجولة العربية لرئيس المخابرات العامة والدور الإقليمى لمصر
بقلم د. محمد مجاهد الزيات ٢٨/ ٣/ ٢٠١١ |
قام اللواء مراد وافى، رئيس المخابرات العامة المصرية، بجولة خلال الأسبوع الماضى، شملت عدداً من الدول الخليجية، وكذلك سوريا، أجرى خلالها محادثات مع كبار المسؤولين فى تلك الدول، ونقل إلى قياداتها رسائل من المشير طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية،
وقد أشارت مصادر إعلامية مختلفة إلى أن هذه أول جولة خارجية رسمية للواء مراد وافى، بعد توليه منصب رئيس المخابرات العامة المصرية، وهو أحد القيادات العسكرية المرموقة المشهود لها بالكفاءة والجدية،
وقد شغل قبل ذلك مناصب عسكرية عملياتية رفيعة، منها رئيس أركان الجيش الثانى الميدانى، وكان آخرها منصب مدير المخابرات العسكرية المصرية.وتكتسب هذه الجولة أهميتها بالنظر للتطورات التى تشهدها منطقة الخليج العربى والجزيرة العربية بصفة عامة، خاصة ما يجرى فى البحرين واليمن والتداعيات المحتملة لهذه التطورات على الأمن فى الخليج، وكذلك التطورات الجارية فى منطقة المشرق العربى، وما تمثله العلاقات الثنائية المصرية ــ السورية من أهمية ليس فقط للأمن القومى المصرى لكن للأمن القومى العربى بصفة عامة.
ولا شك أنه كان من الضرورى أن تُجرى مصر حواراً مع القادة الخليجيين فى هذا التوقيت، بخصوص ما يجرى فى البحرين، والتحفز الإيرانى لاستثمار تصاعد الاحتجاجات الشعبية هناك، وتكثيف الدوافع المذهبية لحركة بعض القوى السياسية البحرينية، للتأكيد على الحضور المصرى وعدم الغياب عن هذه التطورات التى يمكن أن تغير من طبيعة الأوضاع السياسية فى بعض دول الخليج، وبما يُبقى على خطوط الحركة المصرية،
ويحافظ فى النهاية على عناصر الربط بين الأمن القومى المصرى والأمن فى الخليج، ولتضييق المساحة - دون التصادم - أمام إحدى القوى الإقليمية المنافسة (إيران) وتوجيه رسالة مفادها أن مصر الثورة التى تعيد بناء نظامها السياسى الداخلى لن تنشغل عن دورها الإقليمى.وإذا كان هذا التحرك يمكن أن يرتب نوعاً من الطمأنة لبعض الدول الشقيقة فى الخليج، فإنه يمثل كذلك مصلحة مصرية ضرورية لها أبعادها السياسية والاقتصادية التى ينبغى الحفاظ عليها،
وتوفير عوامل النجاح لها.فى تقديرى، فإن زيارة اللواء مراد وافى لسوريا، ومباحثاته مع كبار المسؤولين هناك، تكتسب أهمية خاصة سواء فى توقيتها أو التداعيات المتوقعة لها أو بالنظر للظروف التى تواجهها سوريا فى الفترة الحالية وبهذا الخصوص يمكن الإشارة إلى ما يلى
:١ ــ أن هذه الزيارة جاءت مع بداية تحسن فى العلاقات المصرية ــ السورية، إثر تبادل رسائل بين الرئيس السورى والمشير طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتكشف عن توجه مصرى لإعادة الدفء للعلاقات الثنائية المصرية ــ السورية بعد فترة قطيعة وجمود خلال السنوات الماضية، انعكست نتائجها السلبية على الملفات الإقليمية التى تشهد نوعاً من الاشتباك بين البلدين فى بعض عناصرها،
خاصة المصالحة الفلسطينية ــ الفلسطينية، وجهود السلام الإسرائيلية ــ الفلسطينية، والموقف فى لبنان.٢ ــ أن هناك تحركاً أمريكياً مكثفاً فى الفترة الحالية يتولاه السيناتور جون ماكين لصياغة مشروع تفاوض جديد بين سوريا وإسرائيل، وقد دخل هذا التحرك مراحل متقدمة، حسب تأكيد مصادر إعلامية إسرائيلية، ولا شك أن التقارب المصرى ــ السورى فى هذه المرحلة يمكن أن يمثل عامل دعم تحتاجه سوريا، ويضيف أبعاداً للدور الإقليمى لمصر، ويوفر لمصر أوراقاً يمكن الاستفادة منها فى العلاقات بين القاهرة وتل أبيب.٣ ــ أن عودة الدفء للعلاقات المصرية ــ السورية تحتاج إلى مزيد من المتابعة والتطور،
ويمكن أن تنفتح مستقبلاً على العلاقات مع تركيا، ويمكن كذلك أن تُستثمر للبحث عن مجالات للتفاهم مع إيران مع عدم تجاهل عناصر مشروعها السياسى فى المنطقة، الأمر الذى يفتح الباب أمام حضور إقليمى مؤثر لمصر، يستفيد من التحالفات القائمة، ويزيد من الخيارات المتاحة لمصر ويوفر لها المزيد من أوراق المساومة مع القوى الإقليمية والدولية بصفة عامة.
٤ ــ أن التطورات الجارية فى المنطقة العربية تؤكد أن عملية التغيير سوف تعيد رسم خريطة النظام الإقليمى العربى خلال الفترة المقبلة، ولا خلاف على مركزية مصر فى هذه الخريطة إلا أن الأمر يتطلب مبادرات مصرية لاستعادة خطوط الاتصال والتواصل مع القوى ذات التأثير فى هذا النظام والتفاعل مع القضايا المثارة بما يتناسب والثقل والدور المحورى لمصر وليس من خلال ردود الأفعال، حتى تكون القاهرة المؤثر الرئيسى فى رسم الخريطة وتحديد محاورها.٥ ــ أن الثورة المصرية وتجربة التغيير السياسى فى مصر تشيران بوضوح إلى الظروف والطبيعة الاستثنائية لمصر، فقد حافظت الثورة المصرية حتى الآن على النسيج الداخلى والتجانس المجتمعى من خلال المساندة القوية من المؤسسة العسكرية.ومنذ البداية كانت القوى الإقليمية والدولية ذات الاستراتيجيات المطروحة فى منطقة الشرق الأوسط قد أولت الكثير من الاهتمام بما يجرى فى مصر، وما يمكن أن تسفر عنه التطورات الجارية فى مصر من تغييرات داخلية وانعكاسات خارجية، وهل ستؤثر فى النهاية على شبكة مصالحها وبأى قدر، الأمر الذى يفرض على مصر الاستعداد للتعامل مع ذلك،
من خلال تكثيف وتطوير التعاون مع الأطراف العربية ذات التأثير لتقوية الموقف المصرى وتوفير عناصر القوة اللازمة لمواجهة تلك السياسات والاستراتيجيات بصورة يمكن أن تتحرر خلالها الحركة المصرية من بعض الالتزامات التى كانت تحد من تطورها ويمكن أن توفر لها فى النهاية مزيداً من التأثير الرسمى والقبول الشعبى العربى ينتظره الكثير من دول المنطقة.
إن جولة اللواء مراد وافى تُعتبر بداية طيبة تحتاج إلى البناء عليها من خلال فتح ملفات الخلاف فى القضايا العربية، ذات المواقف المختلفة وطرح مبادرات تراجع المواقف السابقة إذا احتاج الأمر، وبما يتوافق مع المصالح المصرية بالدرجة الأولى، وإن كان الأمر يتطلب وضع استراتيجية للأمن القومى المصرى، تشارك فيها جميع دوائر صنع القرار السياسى الداخلى والخارجى فى مصر،
تحدد بوضوح إطار وطبيعة المصالح المصرية وآلية الحركة اللازمة لتحقيقها على قاعدة واسعة من المشاركة السياسية والوفاق الوطنى تحدد فيها أدوار تلك الدوائر بصورة تحقق الانسجام والعمل كفريق متجانس، وإن كان ذلك موضوع مقال قادم بإذن الله. | |
|